ظهورات السيدة العذراء في العالم وتحذيراتها ج 2
وهذا القول سَتُردِدُهُ السيدة العذراء الكلية القداسة في رسالتها الأولى :{ يا إبنتي الصغيرة ، لقد أتيتُ من بعيد جداً } .
عندئذٍ قالت السيِدة الغريبة : { عليك أن تذهبي إلى بادري بيّو } .
فقُلتُ : { ولكن من اين لي المال ؟ لقد أخذ صاحب البيت كل شيء} .
فأجابتْ : { لاتبقي هنا .فتِشي عن بيت آخر . ثم عليكِ أن تذهبي بعد ذلك إلى بادري بيّو } .
قُلتُ : { ولكن لامال عندي للمأكل والمشرب ولا لشراء الثياب للسفر } .
فقالت :{ لاتفكِري بذلك . ستحصلين على كل مايلزم في الوقت المناسب }.
( وفي الواقع بعد فترة قصيرة ، تَلَقيتُ رسالة لاتحمل ايّ مع المالِ اللازمِ للسفر . وقبل السفِر بساعتين ، تلقَيتُ أيضاً ثوبين على قياسي تماماً ) .
وفي تلكَ الأثناء صَعِدت عمتي لتَجِلُب خمسمئة لير وأعطيتها للسيّدة . ثم إنصرفت تلكَ السيدة.
وفيما هي خارجة كان هناك أناس في الخارج وكذلك ولدي بيار جورجيور الذي كان يلعب . فرآها جيداً . اما الباقون فلم يشاهدوها . أجل ، لم يشاهِدها أحدُ ماعدا الولد . وهكذا توارت .
ولكني عندما ذهبتُ إلى سان جِيوفاني روتوندو( San Giovanni Rptondo) وكان ذلك في صباح يوم سبت ، هناك في ساحة الكبرى ، ظًهَرتِ السيِدة من جديد وبادرتني بالقول .
{ هل عَرَفتِني ؟ حَدَثي عنّي الآن وقولي إنني أمُ التعزيةِ والحزانى . وبعد القداس ساقودك إلى
بادري بيّو الذي سيُعهد إليكِ بمهمّةِ تُنجزينها } .
ذهبتْ ماما روزا بعد القداس ، يدفعُها شعور داخليّ ، إلى بادري بيّو الذي كلفها بتكريس نفسها بدءاً من هذه اللحظة لإعانة المرضى على الصعيدين الجسدي والروحيّ .
وهكذا قُسِم وقُتها بين اشغال الحقل ، وحضورها إلى الكنيسة التي خَصّتها بحبٍ عظيم ، ووجودها بقرب كلِ المرضى الذين وَضَعَتهم العِناية الإلهية في طريقها .
وبعد مضيِ سنتين ونصف على ذلك استدعاها بادري بيّو وقال لها إنّ مهمّتها لدى المرضى قد أنتهتْ وعليها العودة إلى بيتها في إنتظار حدثٍ عظيم .
قالت ماما روزا :{ وبالفعل ، بتاريخ 16 تشرين الأول 1964 ظُهرا ، كنتُ أتلو صلاة التبشير الملائكي بقرب هذه الطاولة تماماً ، وكنت لاازال أصّلِي عندما سمعت صوتاً يناديني من الخارج : { تعالي . تقدّمـي . تعالي ، إنني أنتظـُركِ } .
فخرجتُ وشاهدت غمامة كبيرة بيضاء في السّماءٍ تـُرصِعُها نجوم كثيرة ذهبية وفضية وورود كثيرةُ من جميع الألوان . وخرجت مِنَ الغمامةِ كرة حمراءُ هبطت على شجرةِ إجاص .
وإذا بالأمِ السّمَاوّية تَخرُجُ مِنَ الكُرَةِ يُجلِلُها نورُ عظيمُ فوق رأسها وهي ترتدي معطفاً كبيراً وتاجاً من النجوم وقالت لي :
{ يا إبنتي الصّغيرة ، إنني جئتُ من بعيد جداً . أعلِني للعالم أنّهُ يتوجَب على الجميع أن يُصلّوا، لأنّ يسوع لم يعد يستطيع حًمْلَ الصّليب . أريد أن يَخلـُصَ الجميع. الأخيار منهم والاشرار. أنا أمُ المحبة ، أم الجميع . فأنتم كلكم أولادي . لذلك أريدكم أن تَخلـُصوا جميعاً . وقد جِئتُ من أجل ذلك . لأجلِبَ العالم إلى الصلاة ، لأن العقوبات أصبحت وشيكة . سوف اعود كل يوم جمعة وأوافيكِ برسائل ، وعليكِ ان تكشفي فحواها للعالم }.
فقُلتُ لها :{ ولكن كيف يصدقونني ؟ وأنا لستُ سوى قرويّة فقيرة وجاهلة ولا سُلطَة لي. وسوف ألقي في السِجن ! } . فأجابتني :{ لاتخافي ، لنني سأترك لكِ الآن علامة . سوف تَرينَ ، ستـُزهِرُ هذه الشجرة }.
وأختفَتِ العذراء الكليّة القداسة. وفي ذات اليوم ازَهَرَت شجرةُ الإجاص فجأةً وهي مُثقَلة بالثِمار . وقد ظلّت كذلك خِلال ثلاثة اسابيع ، رغم امطار الخريف الغزيرة .
لقد جاء اشخاصُ عديدون لمشاهدة هذه الزهار ، وقد خالجَ بعضَهُم الشّكُ فقالوا :{ إنهُ حَدثُ طبيعيُ بإعتباره إنتاج الطّبيعة ! إنها إمكانية طبيعّيه كثنّا نجهلها وهانحن نَطّلِعُ عليها الآن}.
أما الباقون فقد إنتابتهم صدمةُ داخليةُ من جراءِ مارَوَتهُ مامّما روزا ، وراوا في ذلك المكان علامة حقيقيةً من لَدُنش الله ، وأصبحوا مشنَ الحُجـّاجِ الأول إلى سان داميانو .
لقد بَدَتِ السيِدة العذراء الكلية القداسة في أول ظهور لها وكأنها واحدة منا بصفة أمَة للرب ، ليكون ظهورها سِراً جديداً للزيارة، كاملاك روفائيل المُرسَل غلى طوبيا ، وكظهور سيّدنا يسوع المسيح لمريم المجدلية التي ظَنّتـثهُ البُستاني ( يوحنا 20/15) ، وكظهورة للتلميذين بِهيئَة غريبِ على طريق عَمّاوس( مرقس 16/12 ) ، وقد حُجِبَت أعيُنُهما عن معرفِتِه(لوقا 24/16) ، أو حين تراءى لبطرس نفسه وللرُسل على شاطئ بحيرة الجليل دونَ أن يتعرفوا عليه ( يوحنا21/4). إنّ سِيَرَ القديسين الأكيدة قد ذكرَت اكثر من ظهورِ عجائبي لسيدنا يسوع المسيح أو لأحد سكانِ السَماء وذلك بشكل فقيرٍ أو مريض أو أبرص او أحد الحُجّاجِ الذين
لانتعرّف عليهم إلا بعدَ حين .
وفي الظُهور الذي حَدَث بتاريخ 16 تشرين الأول 1964 ، خاطبتنا مريمُ العذراء الكلية القداسة بصفتها أمَ الكنيسة ، { كمُمَجّدَةٍ ودائمةِ البتولية : أمِ الله وسيِدنا يسوع المسيح} ، ومشاركة صميمة في تاريخ الخلاص .
ســبب الظـُـــــهورات
لقد قالتِ السيِدة العذراء إنها تأتي لأنها أمنا : { أنا أمُكم والأمُ تفعل كلّ شيءٍ من أجل اولادها} .
إنها أمُ ترى اولادها يخوضون صِراعاً رهيباً ضِدّ الشيطان وَهُم فريسة قوى الشر وقد تاه عدد كبير منهم عن طريق الخلاص وتَتهدّدُهم مصائب عظيمة بسبب خطاياهم . وعندما تَجدُ الأمُ أولادها في مِثلِ هذا الخطر الجسيم ، لايُمكُنها إلا أن تتحدثَ إليهم ، ولاتسطيعُ أن تظلَ صامتةًوبعيدةً عنهم .
غير أن العذراء الكُلية القداسة ، مع أنها أمنا ، هي أيضاً سلطانة السماورات والأرض ، وهي في مجالها الطبيعي بحيث إنها تستطيع المجيْوتَكِلُ نفسها إلى الكنيسة من أجل أن تعترف بها وتستقبلها بمظاهر التقّوى كأم لها وسلطانةٍ عليها. وعلى هذا الأساس فهي تأتي إلينا وتخاطُـُبنا وتُذكُرنا بالحقائق الكُبرى الضّرورية لحلاصنا ، وتُشَدِد من عزيمتنا وتُحذِرنا وتُعزينا وتُوبخثنا أو تُشَجِعُنا ... اي إنها تَفعَلُ كلّ ما تَفعُلهُ الأمُ التي تُحِبُ أولادها وهي التي تُحِبُنا حّباً عظيما!
إليكم ماأعلنه الأب بل( Pel) :{ نضعَمْ ، إنه لَمِن الموافق ، ومِنَ المناسب ، لا بل مِنض الضروري جداً أن تأتي السيِدة العذراء لِتفَقُدِنا ، بحيثُ يبدو عَدَمُ حُضورِها مَثَاراً للأستغراب.
فلا تخافوا إذاً ، إنها آتية ، لقد أتت ، وهي لاتزال تأتي وسوف تأتي ايضاً } .