لمحة تاريخية عن احتفالات عيد الصليب
في عام 325 م تولى الملك قسطنطين عرش المملكة في القسطنطينية بعد سنين مديدة من الاضطهاد الروماني الوثني للمسيحية وكانت أمه الملكة هيلانة قد ربته التربية المسيحية الحقة القائمة على خوف الله تعالى
وقد اتصف حكم هذا الإمبراطور بالعدل والإنصاف والحرية العامة كما هو معلوم تاريخيا لدينا جميعا
وكان أشهر وابرز مراسيمه الملكية هو انه جعل المسيحية دين الدولة وهكذا شرع المسيحيون في بناء الكنائس لممارسة العبادة فيها علنا
وقد قرعت النواقيس دونما حذر وخوف من أعداء المسيحية وصارت المعابد تغص بالمؤمنين الساجدين لله بالروح والحق وحدث أن ألهمت روح التقوى الصادقة القديسة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين القيام بمهمة تاريخية مقدسة خدمة للعقيدة المسيحية والكنيسة على مر الأجيال فيما بعد وتتلخص هذه المهمة في أن هذه القديسة أرادت أن تنقب عن خشبة الصليب التي رفه عليها السيد المسيح لبذل دمه حبا بالإنسان على مر الأجيال
ففي ذات يوم تحدثت الملكة الأم إلى ابنها الإمبراطور قائلة : يا بني ها انك قد أعطيت الشعب حريته في العبادة وممارسة الصلاة ولكننا لم نعرف أين هو الصليب المقدس الذي رفع عليه المسيح لنرفعه على الكنائس فما كان من الإمبراطور إلا أن أمر حاشيته بتجهيز المال والعتاد والرجال وتسيير قافلة إلى الأراضي المقدسة في فلسطين للبحث عن مكان وجود الصليب وكانت الأم على رأس هذه القافلة التي قصدت الأراضي المقدسة متخذة من قمم الجبال محطات لها وعينت في كل منها زمرة من العسكر قائلة لهم : إن شاهدتم النار على قمة الجبل الذي أمامكم يعني هذا أن صليب المسيح قد وجد فما عليكم إلا أن تشعلوا انتم النار أيضا لإعلام ذلك إلى من يليكم باتجاه القسطنطينية
وكان للملكة خادمة يهودية من القدس الشريف اصطحبتها معها لتلتقي أبويها هناك ولعل ذلك كان محاولة من الملكة لتستفيد منها في مهمتاه المقدسة ووصلت الملكة وصحبها ومن معها إلى القدس
والتقت الخادمة اليهودية بابيها وسألته عما يعرف عن المكان الذي صلب فيه المسيح بناء على ما عرفه من السلف عن هذا الأمر فأجابها أبوها قائلا :انظري يا ابنتي إلى تلك التلة التي تدعى بستان الريحان وفي احد زواياه وضعت الصلبان وبأمر من الجنود الرومان آنذاك طمرت بركام من النفايات لطمس المعالم فنقلت الخادمة كلام أبيها إلى الملكة بالسر فنادت الملكة على السكان المقيمين في ذلك المكان قائلة : من كان منكم بحاجة إلى المال فليأت إلى هنا وبدأت تنثر الدراهم الذهبية على الأرض لتشجيعهم على التنقيب والحفر وبدأ الأهالي يتزاحمون في عمليات الحفر والتنقيب والتقاط الدراهم وكلما توقف الأهالي عن التنقيب تعود الملكة وترمي من جديد بالدراهم مستحثة إياهم على متابعة الحفر والتنقيب وهكذا دواليك حتى ظهرت لهم خشبات الصلبان الثلاث أي صليب المسيح وصليبا اللصين الذين صلبا معه
فحاروا في أمرهم متسائلين ؟: ترى أي صليب هو صليب السيد المسيح ؟... فتذكرت الملكة أعظم أعجوبة للسيد المسيح وهي إقامة الموتى فطلبت ثلاث أموات كانوا قد دفنوا حديثا ووضعت كل منهم على خشبة من الصلبان الثلاثة فإذا بأحدهم يفتح عينيه ويرفع يده اليمنى للشهادة وللحال صرخ جميع الحاضرين هذا هو صليب المسيح
فأمرت الملكة بإشعال النار على قمة جبل الجلجلة إعلانا لذلك فلما رأى النار المتواجدون على قمة جبل الشيخ سارعوا بدورهم لإشعال النار وتبعهم في ذلك على التوالي جميع الزمر المتواجدة على قمم الجبال وصولا الى مشارف القسطنطينية وعندئذ عرف الإمبراطور قسطنطين بان والدته بلغت ما ارادت ومن ثم احتفل برفع الصليب المقدس في القسطنطينية وبعد نقله الى هناك بتاريخ 14 ايلول من ذلك العام