" أما أنتم فإنكم ذرية مختارة وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة وشعب اصطفاه الله للإشادة بأيات الذي دعاكم من الظلمات إلى نوره العجيب" (1بطرس 2: 9).
يذكّر القديس بطرس المسيحيين بأنهم تقلدوا كهنوت يسوع المسيح الذي هو الرأس في جسد هم فيه أعضاء. ويشبه الكنيسة ببناءٍ حجارته حية مرتبطة ومتماسكة مع المسيح الذي هو رأس الزاوية وهو حجر الأساس. ويضيف مار بطرس في رسالته المذكورة: " أدنوا من هذا الحجر الحي، وكونوا أنتم مبنيين كالحجارة الحية بناء روحيا وكهنوتا مقدسا". وهكذا فالكنيسة التي شبهها بطرس الرسول بهيكل حي هي كهنوتية بكاملها. مهمتها هي أكثر من الاشتراك بتقديم الذبيحة المرضية للرب. إنها أيضا مهمة الكشف عن عظائم الله ونوره العجيب. مهمتها بناء وصيانة وتقديس هذا الجسد عبر الزمان والمكان محققين في ذاتهم كلام يسوع : " أنتم نور العالم أنتم ملح الأرض" أنتم الواعين لمهمتكم الكهنوتية. مهمة الخدمة والعمل من أجل إحياء وإنماء جسد المسيح السري الذي هو كل المؤمنين بيسوع. فالمؤمنون جميعا كهنة مع المسيح . وكهنوتهم إن هو إلا امتداد لكهنوت المسيح ذاته. حياة كل مُعمَّد مؤمن بيسوع هي فعل كهنوتي. فعلى تلاميذ المسيح أن يمارسوا العبادة الروحية في سبيل مجد الله وخلاص الإخوة. إن أعمالكم كلها ، إخوتي، بما فيها الصلوات والمشاريع الرسولية والحياة الزوجية ومسؤولية العائلة والعمل اليومي والراحة الروحية والجسدية ، وكل متاعب الحياة التي نحتملها بصبر ، كل هذه وغيرها تصبح قرابين مرضية لله، لأننا جزء من حياة يسوع ورسالته . فالآب يرانا بابنه والابن يعيش فينا ويواصل في جسدنا ما نقص من الآلام في جسده.
هذه الحياة الكهنوتية التي نعيشها نحن يجب أن ننعشها بالوعي في أننا لا نعيش لذاتنا بل لله. وأننا لسنا أفرادا أو أرقاما تافهة. لا . نحن أعضاء وجميعنا نكوِّن جسد المسيح السري الذي هو الكنيسة. من هنا واجبنا أيضا في حمل رسالة يسوع إلى باقي الأفراد والشعوب. مقدمين لهم ،بشهادة حياة صالحة ومثل بناء، صورةَ يسوع الحقيقية. كلمةُ الإنجيل يجب أن تسطع من خلال حياة شعب الله أفرادا ومجموعات. من خلال حياتهم اليومية ومثلهم الصالح وكلمتهم الطيبة التي بها يليّنون القلوب المتحجرة.
قليلون منا يعون هذه الحقيقة. حقيقة كونهم كهنة مع المسيح رأس الكهنة ورئيسهم. كل تلميذ للمسيح يحمل رسالة كهنوتية . فالعلماني غير المرسوم هو كاهن من حيث متحد بيسوع الكاهن اتحادا حيويا. والكاهن المرسوم هو مَن أقيم بنوع خاص لتوزيع الأسرار. هكذا نظم الرب شعبه وهكذا هندس كنيسته وكل ما فعله هو صالح وجيد. فيا إخوتي أنتم بمواضبتكم على الصلاة والتسبيح لله معا، وبشهاد حياتكم لملكوت المسيح في كل مكان، تقدمون ذاتكم ذبيحة حيّة مقدسة مرضية عند الله ( روم12: 1) وتمارسون كهنوتكم كشعب الله. وتؤدون للعالم شهادة رجاء الحياة الأبدية الذي هو فينا. آمين