Fr. Sami DANKA عُضو
عدد المساهمات : 52 نقاط : 58 تاريخ التسجيل : 07/03/2008
| موضوع: الراعي الصالح في الكتاب المقدس الأربعاء أبريل 29, 2009 7:09 am | |
| أنا الراعي الصالح حسب الطقس الكلداني نقرأ هذا النص قبل عيد السعانين حيث سنرى فيما بعد في قراءات أسبوع الآلام أمور عديدة عن الراعي، منها "أضرب الراعي فتتبدد الخراف" (متى 26: 31، وهذا مذكور في زكريا 13: 7). أما في الطقس اللاتيني فيضعونه في الأحد الرابع بعد القيامة. في العهد القديم يمثل الله احد الرعاة، وهو من شعبه. "الرب راعي فلا يعوزني شيءٌ" (مزمور 23: 1). "هو إلهنا ونحن شعبُهُ، رعيته التي يرعاها بيده" (مز 95: 7). مستقبل المسيحا وصف أيضاً مع صورة الراعي: "يرعى قطعانه كالراعي، ويجمع صغارها بذراعه، يحملها حملا في حضنه ويقودُ مرضعاتها على مهلٍ" (أش 40: 11). هذا المثل الأعلى لصورة الراعي يتحقق في المسيح. هو الراعي الصالح الذي يذهب للبحث عن الخروف المفقود، وسوف يستعطف على شعبه لأنه "مثل الغنم دون راع" (متى 9: 36)، ويدعو تلاميذه بـ "القطيع الصغير" (لوقا 12: 32). والقديس بطرس يدعو الرب يسوع بـ "راعي نفوسنا" (1 بط 2: 25) وفي الرسالة إلى العبرانيين نقرأ بأن يسوع هو: "راعي الخراف الكبير" (العبرانيين 13: 20). نعلم جيداً بان في معظم اليهودية كانت هضبة صخرية قاسية، وفيها أيضاً تربة ملائمة للزراعة لكن بشكل متوسط. لهذا الأعشاب هي في انتشار هنا وهناك والأغنام هي في حركة مستمرة كما لم تكن هناك حدود للمدن وبالتالي فهي بحاجة إلى راعي يقودها إلى الأماكن الخصبة. أحد كتاب القرن الماضي في زيارته لليهودية يصف لنا عن أهمية مفهوم الراعي: "عندما تأتي وترى في أعالي الجبال العشب للقطيع، مع تخمين المسافة البعيدة وعدم وجود حدود للمنطقة، مع التفكير بكل ما يتعرض للأحوال الطقسية وفكرة رؤية السراب، والاتكاء على العصا، والانتباه لحركة القطيع، سوف تفهم لماذا كل هذا الاهتمام بصفة الراعي في تاريخ إسرائيل، ولماذا أعطوا هذا اللقب لملوكهم وللمسيح، حيث يخلط في هؤلاء الأشخاص عظمة التضحية". حتى أهمية الخراف تختلف من منطقة لأخرى؛ ففي البلدان الأوربية مثلاً الخراف تترعرع في المقام الأول لأجل اللحم، أما في الدول الشرقية فهي تترعرع من أجل الحليب ومن أجل الصوف وأكيد من ثم من أجل اللحم. لهذا تبقى الخراف في الشرق لسنين عديدة في علاقة وطيدة مع الراعي وهو يتعرف على طبيعة كل واحد منها. إذن عندما يصف الإنجيلي يوحنا يسوع بالراعي علينا أن نعلم كيف ينظر هو إلى عمل الراعي. فيعطينا بعض السمات التي يتصف بها يسوع. الأولى: وهي تنظر إلى العلاقة المتبادلة بين القطيع والراعي: "خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها وهي تتبعني". بالتأكيد نعرف جيداً ما يقصده يسوع نفسه. فهو يعرف تلاميذه (مثلما يعرف الله شعبه)، فهو يعرفها بأسمائها وهذا أيضاً حسب التفسير الكتابي دلالة على القيمة الجوهرية لكيان الإنسان المؤمن. الثاني: الحب المتبادل: فهو يحب خرافه حب خاص فريد كأنه الوحيد في القطيع. الثالث: يبذل ذاته لأجلها: كونه يبذل ذاته لأجلها هذا يعني لا أحد يستطيع أن يخطفها منه. كان كابوس الرعاة في إسرائيل هي الحيوانات البرية – الذئاب والضبع – وقطاع الطرق. ففي أماكن معزولة كانت التهديدات تشكل خطراً كبيراً على الرعاة. وهنا تكمن أهمية فكرة الراعي: هل هو راعي حقيقي أم هو مجرد أجير؟ الراعي الصالح يتصارع مع العدو حتى آخر نسمة من حياته لأنه يحب قطيعه. لهذا أدعوكم في هذا اليوم إلى أن تتأملوا في "الراعي الصالح" أنّه الراعي الصالح لشعبه، وهذه معناها أننا لسنا متروكين، ولسنا خراف مبدّدة لا راعي لها، راعينا واحدٌ هوَ يسوع المسيح، فهوَ يعتني بكل واحدٍ منّا، ويفتّش عن كلّ واحدٍ منّا ويحبّ كلّ واحدٍ منّا. وهوَ يعلِن: "أنا اتيتُ لا لأُخدَم بل لأَخدُم، وأبذُلُ نفسي فداءً عن الجميع، أحببتهم حتى النهاية..."، هذه الكلمات أكّدت أنّ الربّ معنا، باستمرار، هو رجاؤنا لأنّه حيٌّ وقام من الموت. وأصبح رفيق درب كلّ إنسان، لهذا هوَ رجاؤنا، وطبيعته كراعي صالح عبّرَ عنهُ أنه يعرف خرافه واحداً فواحداً، يقودُها إلى المراعي النضرة، ويدافع عنها بوجه الذئاب، وهذا الكلام ليس من الماضي إنّما حقيقة ثابتة دائمة يعيشها الربّ يسوع، ولكنّه يسألنا السؤال الذي سأله للأعميين: "أنتم مؤمنون أنّي قادرٌ أن أعطيَكم البصر؟"، قالوا: "نعم". أجابَ: "فليكُن لكما حسَبَ إيمانكما" وانفتحت عيونهما. هذا الكلام لكلّ واحدٍ منّا، وأنا اسأل نفسي بقلب العمى عمى خطيئتي وضعفي وعمى صعوبة المعيشة والمشاكل الاقتصادية الكبيرة التي نسمّيها الأفق المسدودة، وأمام كل هذا العمى، يسوع يسأل كلّ واحدٍ منّا "هل أنتَ مؤمنٌ أنّي قادرٌ على أن أزيلَ العمى". أسأل كم أنّ أنا شخصيّاً اصدّق أنّي أؤمن بيسوع المسيح. وعندها كلّ قوتّنا هي إيماننا. هذا ما يقوله لنا الربّ اليوم هذا هو رجاؤنا، يسوع المسيح. أننا جئنا نبحث عن هذا، يسوع النور يسوع الكلمة يسوع الراعي لنهتدي ولنتشجّع وتكون عندنا المناعة لأنّ كلامه هوَ الخبز الذي يسند كلّ جوعٍ. إنّ القدّيس أوغسطينوس عبّر عن هذه الحقيقة وقال أن يسوع قريب علينا ومعنا وهوَ طريقُ دربنا. يقول بكتابه الاعترافات: "يا ربّ أنتَ في داخلي وأنا خارجٌ عن نفسي، أنتَ معي وأنا لستُ مع ذاتي أنتَ رجائي، أنتَ كلُّ رحمتُكَ الواسعة هي رجائي أيها الحب الذي يشتعل دوماً ولا ينطفئ أبداً". نعم هوَ فينا أكثر مما نحن في نفوسنا، هوَ معي أكثر مما أنا معَ ذاتي، فإذا كان هوَ على طريقي فعليّ أن اعرف اراه مثل الأعمى والتقيه مثلما التقاه الأخرس، يسوعُ حيّ اينما كان ولكن عليّ أنا أن اعرف ان التقي به، ولما التقيه يكون هو يسبقني ليلتقيني. والقديس أوغسطيونوس أيضاً يقول: "لو لا كنتَ انتَ لاقيتني لما وجدْتُكَ"... هذا الإيمان الذي يتّضح لنا الليلة لنعرف نرى يسوع المسيح الحاضر معنا في سرّ الأفخارستيا، بالجماعة المصلّية، بالإنسان، وخاصّةً بالضعيف، وبشخص الكاهن الذي أعطاهُ سلطان ليرفع يمينه، ويغفر الخطايا، ويوزع جسد المسيح ويعطي الحياة. حاضر معنا بالخلق الجميل، بأحداث حياتنا اليوميّة الحلوة والمرّة. نحن بحاجة لهذا الإيمان الذي يجعلنا نلتقي هذا الراعي الصالح الذي يشفينا. يسوع الرجاء، يعطيني نور، يسوع لم يشفي كلّّ العميان، لكنّه شفى هؤلاء، علامة للعقول المطفيّة لأنّه وحده يعطيها النور، هوَ رجاؤنا لأنّه نورَنا. المسيح يفتح عيوننا لنميّز حضوره، لنمشي ونهتدي لنور شخصه وأعماله وتعليمه، هوَ نورٌ لأنّه كشف لإنسانيتنا التي اخذها كيف نكون بشر، كشف معنى وجودنا ورسالتنا ومعنى حضورنا بهذه البيئة من العالم ويخرجنا من الذهنية السائدة بأنه ليس لنا مستقبل هنا فلنهاجر. هذا كلام العميان. يسوع يفهمنا أنّه هنا عندما رسالة، عندنا حضور كيان ووجود. | |
|