إنّ الشبيبة هم ورثة إيمان راسخ وعميق، يتجلّى في تقاليد روحيّة تؤسّس لإيمانهم في عالم اليوم. هذا الإيمان المبنيّ أوّلاً على شخص يسوع المسيح، المائت والقائم من الموت، هو إيمان تعرضه الكنيسة اليوم وفي كلّ لحظة على ضميرهم، والكنيسة تبغي مساعدتهم على إكتشاف المسيح الفادي المعلّم الحقّ، والمرشد والصديق وبناء علاقة شخصيّة معه. فشبيبتنا الموارنة مدعوّة اليوم إلى حمل رسالة الكنيسة هذه في مسيرتها على دروب الحياة والحفاظ على هذا الإرث الإيمانيّ حيًّا وفاعلاً في حياتهم اليوميّة.
في الواقع، تدفع العلاقة العميقة مع المسيح الشبيبة إلى البحث عن معنى الحياة، وإلى السعي لإكتشاف مخطّط الله عليهم، متيقنين أنّ حياتهم ليست ملكًا خاصًّا يتصرفون به كما يحلو لهم، بل هي عطيّة من الله، وملك للإنسانيّة والمجتمع حيث يعيشون. إنّ إيمانهم بالمسيح، واتباعهم له يؤديان بهم إلى وعي مضامين هذا الإيمان والإلتزام بإعلان كلمة الله بشجاعة، والعمل الدؤوب لتحويل العالم بروح الإنجيل. فيتحررون بذلك من التردّد والخوف ويندفعون إلى الساحات والطرقات، كالرسل الأوائل، للتبشير بالمسيح، وملاقاة الشبيبة غير الملتزمة رعويًّا باستنباط الوسائل الملائمة في حمل البشرى ونشرها في أوساطهم.
يتوازى إكتشاف المسيح الحيّ مع إكتشاف الكنيسة. فلا كنيسة دون المسيح، لأنّها سرّه المعلن، ولا يمكن التعرّف حقًا إلى المسيح إلاّ فيها.
يتحقّق إنتماء الشبيبة إلى الكنيسة حين تتفّهم السلطات الكنسيّة توقهم إلى إثبات ذواتهم في محيطهم ومجتمعهم، فتحتضنهم بمحبّة ورجاء وثقة. هذا الإحتضان المجانيّ يسهّل الحوار الصادق بينهم وبينها، ويوضّح لهم تقدير الكنيسة وتثمينها لطاقات الخير والجمال التي يختزنونها في أعماقهم. "فعلى الكنيسة أنّ تشعر بأنّها ملتزمة بالشبيبة، بقلقهم وباهتماماتهم، بانفتاحهم وبآمالهم للإجابة على إنتظاراتهم من خلال القول لهم أنّ اليقين هو المسيح، أنّ الحقيقة هي المسيح وأنّ المحبّة هي المسيح". فتظهر حينها كخادمة للحقيقة التي يبحث عنها الشبيبة، وتعزّز ثقتهم فيها ويتحقّق إنتماؤهم إليها. إنّ الإنتماء إلى الكنيسة يترسّخ حين يشعر هؤلاء أنّهم أبناؤها، وخادمو رسالتها ودورهم فيها دور نبويّ؛ ذلك أنّ "الإنسانيّة بحاجة إلى اغتباط الشبيبة وحبّهم للحياة، وفرحهم الذي يردّد صدى فرح الله الأصيل حين خلق الإنسان".