سيدتنا مريم العذراء1 ج2
5) قضيــية إخــوة المسيح
إعتراض: العذراء لم تظل عذراء بعد ولادة المسيح، لأن للمسيح إخوة ذكرهم مرقس3: 31:"فقالوا له: إن أمك وإخوتك خارجا يطلبونك"، ومرقس6: 3:"أليس هذا هو النجار إبن مريم وأخا يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان ؟"، ومتى13: 55:"أليس هذا هو إبن النجار؟ أليست أمه تسمى مريم وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا ؟، ومتى13: 56:"أو ليست أخوته كلّهن عندنا ؟".
الـــرد : في العبرية والأرامية القديمتين وعلى لسان كتاب العهد الجديد، لم تكن هناك لفظة خصوصية، كما في لغاتنا اليوم،للإشارة الى إبن ( بنت) الخال، إبن (بنت) العمة وابن(بنت) الخالة، وهي التي تعنيها الكلمة الإنجليزية والفرنسية
Cousin ، بل كانت تدعو" أخا" أو" أختاً" كا من جمعتك به قرابة أو حتى صداقة. ونلاحظ أن الإسبانية تدعوا أبناء الأشقاء Primo Hermano أي أبن عم(بالفرنسيهCousin Germain ) وبالعربية الدارجة(إبن عم لزم).
لذلك نرى مرارا في الكتاب المقدس كلمة"أخ" تدل لا على شقيق بل على قريب بالدم :تكوين13: 8 حيث يقول ابراهيم للأبن أخيه لوط:"إنما نحن رجلان أخوان"؛ وتكوين29: 12 حيث نقرأ:" وأخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها"، وهو إبن أخته؛
ولاوين10: 4 حيث ورد:" ثم دعا موسى ميشائيل والصفان ابني عزيئيل عم هرون وقال لهما أحملا أخويكما من أمام القدس.." وسفر أخبار الأيام الأول23: 22 حيث ورد:"ومات العازار ولم يكن له بنون بل بنات فأخذهن إخوتهن بنو قيش" أي تزوجوهنّ(راجع أيضا تكوين14: 12، 16؛29: 10 ،15).
ومن الجدير بالذكر أن "إخوة يسوع أو "أخواته" لايوصفون أو يوصفن قط بأنهم أو أنهن أولاد مريم أو بناتها، كما لا تذكر ولادة أي واحد ولاموت أي واحد(أو واحدة) منهم أو منهنّ قبل موت المسيح.
إن الذين يدعوهم العهد الجديد"إخوة يسوع هم يعقوب الصغير ويوسي وسمعان ويهوذا. ويثبت العهد الجديد أنهم ليسوا ابناء مريم ولايوسف ويذكر والديهم متى27: 56:"وبينهنّ( عند الصليب) مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي"،
ومرقس15: 40:" وكان أيضا نساء ينظرنّ عن بعد بينهنّ مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير وأم يوسي" .
أما الأخوان الآخران وهما سمعان ويهوذا فأتى ذكرهما في لوقا 6: 15 .
ثم يأتي يوحنا فيوضح من هو زوج مريم أم يعقوب ويوسي وإذا به كلاوبا، ويميز مريم أم يعقوب ويوسي من مريم أم يسوع:" وكان واقفة عند الصليب أمه(أي مريم العذراء) وأخت أمهأ(أي قرابتها) مريم إمرأة كلاوبا(يوحنا19: 25). وكلاوبا إسم يوناني لحلفى وهو الأسم الأرامي.
ونقرا أيضا: " ويعقوب بن حلفى"(متى10: 3)" ولم أرى غيره من الرسل سوى يعقوب أخي الرب"(غلاطية1: 19)؛" ويعقوب بن حلفي وسمعان المدعو الغيور ويهوذا أخا يعقوب"(لوقا6: 15-26. يهوذا، أسمه في متى10: 3 ثداوس)؛" من يهوذا عند يسوع المسيح، وأخي يعقوب..."(يهوذا)؛" ويعقوب بن حلفى وسمعان الغيور ويهوذا آخو يعقوب"(اعمال 1: 13).
وتثنية الاسماء ليست بالأمر النادر ولا الغريب:
حلفى—كلاوبا في يوحنا19: 25 وأعمال1ك 13؛ متى – لاوي في مرقس2: 12 ولوقا2: 14؛ سمعان- كيفا(بطرس)في يوحنا1:42 ولوقا6: 14؛برثلماوس- نثنائيل في يوحنا1: 45 ومتى 10: 3؛ يوحنا- مرقس في اعمال 12: 12 وفي 13: 13؛ يهوذا- ثداوس في لوقا6: 16 ومرقس3: 18؛ شاول – بولس في أعمال13: 9 ؛
توما- التؤام في يوحنا21: 2؛ يوسف-برسابس الملقب بالبار في اعمال1: 23.
فلو كان لمريم ابناء غير يسوع لما كان سلمها قبل موته الى التلميذ يوحنا،بل لأحد إخوته مثل يعقوب أخي الرب، ولكنه سلمها ليوحنا الذي أخذها،يقول لنا الإنجيل، من تلك الساعة الى خاصته. ومعنى ذلك أنها لم تكن في خاصته قبل تلك الساعة وطبعا يوحنا الحبيب هو إبن زبدي وسالومة.
ويعتقد البعض أن من يسمون"أخوة يسوع" كانوا ابناء القديس يوسف من سيدة غير مريم العذراء.
ويسوع نفسه يسمي التلاميذ إخوته في يوحنا 20: 17-18.
ويذكر الإنجيل مراراً أن مريم هي ام يسوع ويسوع هو ابن مريم بأل التعريف في اليونانية مما يدل على الابن الوحيد ، ولكنه لم يذكر مرة واحدة أن أحد المدعوين إخوة يسوع إبن مريم ولا أن مريم أمهُ. فهي الأم الوحيدة ليسوع الوحيد. دليل ذلك: مرقس1ك 13:" يسوع إبن مريم"؛ متى13: 55:"مريم أم يسوع"؛ يوحنا2: 1 :
"مريم أم يسوع"؛أعمال1:14:"مريم أم يسوع".
وعندما كان يسوع ابن اثنتي عشرة سنه وزار الهيكل مع والدته لم يرافقه أي أخ.
وأنا لانجد آية واحدة تذكر أن أحد المدعوين إخوة يسوع ولدته مريم أم يسوع أو أن أباه هو القديس يوسف خطيب العذراء.
أخيراً يدعو الإنجيل تلاميذ يسوع إخوة له وإخوة بعضهم لبعض في يوحنا20: 17:
"وقال لها يسوع: لاتلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي بل أمضي الى اخوتي وقولي لهم....." ؛ وفي متى 28: 10:"قال لهنّ يسوع: لاتخفنّ، إذهبنّ وقلن لأخوتي ليذهبوا الى الجليل"(الإخوة هم الرسل جميعاً).
وأيضا لفظة"الأخوة" تعني تلاميذ المسيح في اعمال1: 15"في تلك الأيام قام بطرس في وسط الإخوة وكان عددهم نحو مئة وعشرين فقال...."(أ يضا6: 3).
وتعني "إخوة" كل الناس في اعمال2: 14،29"قام بطرس ورفع صوته وخاطبهم: أيها الرجالل اليهود والساكنون في أورشليم.....أيها الرجال الإخوة....".
د)شفاعة العذراء مريم مكفولة ولو بغير أوانها .
1- مالي ولك ياإمرأة
إعتراض:كيف تعتقدون بشفاعة العذراء، وقد كان السيد المسيح قاسيا معها بقوله في عرس قانا:"مالي ولك ياامرأة لم تأت ساعتي بهد ؟"(يوحنا2: 4).
الــــرد: إن الأعجوبة فعلا تمت. على كل حال، فلنتأمل الحادث كله ثم نحكم:
1-العرس قائم، والفرح في أشده؛ 2-فراغ الخمر موقف حرج للعروسين وللمدعوين؛ 3-العذراء الرؤوفة ربة بيت حكيمة واعية لاحظت أن نغمة الفرح كادت تميل الى الحزن لفراغ الخمرة؛ 4-أرادت استدراك الأمر وإصلاح الموقف وعرضت القضية على ابنها وقالت له:ليس عندهم خمرة ؛ 5-عرضها الأمر ليسوع هو طلب حازم ودبلوماسي في الوقت عينه لمعجزة ، وهو تعبير قوي عن ايمانها الوطيد بقدرة ابنها الخارقة ؛ 6- أجابها يسوع: مالي ولك ياإمرأة، لم تأتِ ساعتي بعد !
نلاحظ أن هذا الجواب ليس برفض بل اعتذار ؛ وأن يسوع لم يقل مالك ومالي ياإمرأة بل مالي ولك فجمع نفسه معها وقبلها ؛ وقوله ياإمرأة لايدل على احتقار ولا إزدراء لأنه في اشد المواقف رصانة وحزنا، على الصليب، إستخدم نفس الكلمة بقوله لأمه"ياإمرأة هوذا إبنك(يوحنا19: 26)، مما يدل على انه يَـعُد مريم أمه مثال النساء الأعلى، ففي هذه العبارة في فمه وعلى زمانه مافيها من العظمة والجلال؛ وقوله لم تاتِ ساعتي بعد يعني إنك تطلبين بكل بساطة تقديم توقيت العجائب .
واستدرارا للأعجوبة تستخدم العذراء أسلوبا حازما استنادا الى نفوذها كوالدة وتصدر أوامرها للخدام بأسم المسيح رغم إعتذاراته وتحفظاته، وهي واثقة كل الثقة من انه لن يردها خائبة ، وهذا بالطبع على مسمع يسوع: مهما يأمركم به فافعلوه !
وتستخدم العذراء، إن جاز التعبير سياسة الأمر الواقع، فتأمر الخدام:" مهما أمركم به فأفعلوه "،مع أنه ماكان يرغب في أن يأمر شيئاً.
وتتـم الخطة بنجاح،إذ يصدر يسوع الآمر حالاً بملأ الآجاجين ماء ويحولها خمراً، وخمرا جيدة. فكانت الأعجوبة، وكان الإعجاب وكان ايمان ،إيمان الرسل الأولين. والكل تم بإيعاز من مريم ، من نفوذها وحنانها الوالديين.
ومن المحتمل جدا أن يسوع تباطأ في القيام بالمعجزة إما لكي يستر امام المدعوين السر الكبير الذي يتلخص في انه المسيح القدير، لذا رغب في تأجيل كشف هذا السر قدر الإمكان. مثلا حتى عندما كان يسوع يقوم بالمعجزات وعندما كانت الارواح النجسة تعرفه كان يوصي الجميع بأن لايخبروا أحداً(مرقس1: 25، 44؛9: 9، الخ). وقد يكون الهدف من كلام يسوع اختبار إيمان والدته أو رغبته في أن تكرر الطلب. ونرى مثل هذه السياسة عند المسيح مع المرأة الكنعانية التي طلبت منه أن يشفي إبنتها (متى15: 26؛ مرقس7: 27) وعندما يوجه يسوع الى اعمى السؤال البديهي :" ماذا تريد أن اصنع لك ؟"يريد ان يسمع طلبه وتضرعه:"يارب أن أبصر( مرقس10: 51).
فقول يسوع لوالدته"ياإمرأة" ليس إذن من باب الأستهتار ولاعدم الأحترام، فمن المحال أن لايحترم المسيح والدته خلافا للوصية" أكرم أباك وأمك". أما كلمته ياإمرأة التي يوجهها اليها في أشد المواقف رصانة فهي الصيغة الأدبية التي تعني: أيتها السيدة. وقد إستخدم المسيح عبارة "ياإمرأة بإعجاب إذ قال للكنعانية ايتها المرأة عظيم إيمانك(متى15: 28).
وفي بعض البلاد مثل اسبانيا، ينادي الناس والدتهم بقولهم "أيتها السيدة" (سنيورا).
في اللغة الآرامية "أنتت"(ايتها المرأة) كما في اليونانية "جيناي" لاتعنيان عدم البتولية بل تعنيان جنس النساء . إذن: إمرأة ليست ضد بتول بل ضد رجل. مع الأسف إعتدنا في لغتنا العامية أن نَـعُد كلمة :"إمرأة "ضداً لكلمة" بنت" فصرنا نفهم منها عدم البتولية.
في الكتاب المقدس ، كما في اللغه العربية السليمة، كلمة "أمرأة" تعني بشكل عام، حتى الطفلة في المؤنث هي إمرأة اي من جنس حواء. وإليك بعض الأمثلة:
حالما يخلق الله تعالى حواء يسميها الكتاب المقدس "إمرأة" لأنها من إمرئ أخذت، يسميها"إمرأة" من أنها كانت بعد بتولا عذراء. لنقرأ في تكوين2: 22:
" وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من ادم إمرأة فأتى بها آدم".
سميت حواء البتول "إمرأة"، من"إمرئ"(تكوين2: 23)، بالعبرية"ايشاه" من"ايش"؛" وايشاه" العبرية تقابلها تماما"انتت" الآرامية ، وتقابلها لفظا بالعربية كلمة "إنثى". المسيح يقول لأمه أيتها أي المنتمية الى جنس النساء.
في انجيل لوقا توصف مريم العذراء البتول بالمباركة بين النساء(لوقا 1: 28، 42). أكيد أن " النساء" لاتعني غير البتولات بل جنس حواء.
والجدير بالذكر أن الإسلام يشهد أيضا أن الله فضل مريم"على نساء العالمين" أي على جنس حواء بأسره.
ورب سائل يسأل: لماذا لاينادي المسيح والدته أماه بدل"ياإمرأة" .
قد يكون السبب أن الابناء والبنات في عصره، وخصوصا الرجال ، كانوا يستخدمون صيغة الاحترام في حديثهم مع والدتهم امام الناس بينما كانوا يتركون
ألفاظ الحنان لمحيط الاسرة الدافئ. وقد يكون عدم استخدام الذكور لكلمة"أماه" في العصور الماضية، وخصوصا عند الشرقيين الساميين ، رفضا للميوعه. وأننا أحيانا في أيامنا مثل هذه الميوعة عند الابناء والبنات في حديثهم مع والديهم.
وقد يسأل البعض كذلك: ألم يحتقر المسيح أمه بقوله في متى 12: 48:" من امي ومن إخوتي" ؟
نلاحظ أنه كلما ذكر أحد أمام المسيح أهله وأقاربه لتبجيله وتكريمه،يغير وجهة تفكيرهم ويصححها لأنهم كانوا يتوهمون أن شؤف الإنسان قائم بآبائه وأجداده أي بالحسب والنسب. فنرته يلفت نظرهم الى ماهو عملي أي الى واجبهم الخاص بتلخيص أنفسهم بتتميم مشيئة الله. وبهذه الطريقة يكتسب الإنسان شرفا يوازي شرف قرابة المسيح الدموية. والدليل على ذلك قوله في متى12: 50:"لأن من يعمل مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي واختي وأمي". وهذا مديح للعذراء أمه فهي أتمت مشيئة الله بقولها للملاك المبشر:"ها انا أمه الرب فليكن لي بحسب قولك" .
2)بــل طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه (لوقا 11: 28) ؟
وأيضا قد يسأل سائل: ألم يستخف المسيح بأنه بقوله"بل طوبى لمن يسمع كلمة الله ويحفظها" حين إمتدحتها إمرأة قائلة" طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين
رضعتهما"(لوقا 11: 17-28).
هنا ايضا نراه يرفع تفكير المرأة الى ماهو عملي بالنسبة لها هي ،أي سماع كلمة الله وحفظها، حتى لاتسترسل فقط بالإعجاب للناحية الدموية من الكرامة بل تجني نفعا لها وسعادة جقة. وفلسفة المسيح هي ان شرف القرابة الجسديه مع المسيح محصور في بعض الافراد بحطم الطبيعة، أما الشرف الاسمى، أي القرابة الروحانية معه، فهو معروض لكل الناس بغير تمييز وبإمكانهم جميعا أن ينالوا هذا الشرف بحفظهم كلمته: طوبى لمن يسمع كلمة الله ويحفظها"، فهو قريبي.
والواقع أن في هذه الآية مديحا غير مباشر للعذراء، والعذراء مريم أم المسيح هي اول من سمع وحفظ كلام الله. واليك الدليل من نص افنجيل عينه في لوقا2: 51:" وكانت أمه تحفظ ذلك الكلام كله وتفكر به في قلبها" .
إذن بحسب منطق تعليم المسيح، أمه هي أم من ناحيتين: من الناحيه الجسديه الدموية لأنها ولدته، ومن الناحية الروحية لأنها حفظت كلامه.
أما لفظة"بل" التي يستخدمها الإنجيلي لوقا فهي باليونانية"مينونجية" ولاتعني في هذا النص" بل"، ولا" بالأخرى"، إنما تعني:" حقا"، "باالتأكيد"،"بلى"، كما في الآيات التالية:" لكني أقول: ألعلهم لم يسمعوا ؟ بلى(مينونجية): الى أقاصي الارض خرج صوتهم والى أرجاء المعمورة كلامهم "(رومية10: 18)؛ ستقول لي: لماذا يلوم بعد ؟ ومن يقاوم مشيئته ؟بل(أي حقا) من أنت ايها الإنسان الذي يجاوب الله ؟(مينون تعني بالتأكيد. رومية9: 19-20) ؛"بل(مين أون، وتعني: حقا، يقيناً) أحسب كل شيء خسرانا من أجل الفضل الأعظم وهو معرفة المسيح يسوع ربي...."(فيلبي3: 8).
أما إذا لجأنا الى العقل وقراءة نزيهه لما ورد في" العهد الجديد"فإننا نجد أن المديح السيدي"طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه" يتجه ايضا وبشكل خصوصي نحو مريم العذراء التي يكتب عنها الانجيلي لوق:"كانت مريم تحفظ كل هذا الكلام وتتفكر فيه في قلبها"(لوقا2: 19، 51)،وهي التي أعلنت نفسها خادمة للرب خاضعة لأقواله(لوقا1: 38)جاعلة من كلماته تعالى برنامجا لحياتها وسلوكها فأثنت عليها قريبتها أليصابات وقد إمتلأت من روح القدس:"طوبى لك(يامريم)، يامن آمنت أن مابلغك من عند الرب سيتم"(لوقا1: 45) .
3)"مهما أمركم به فأفعلوه"( يوحنا 2: 5)
يستشهد البعض بكلمات السيدة العذراء مستخدمين إياها، ليقولوا أن لا دور لها ولامكانة سوى أنها تطلب من المسيحيين الأمتثال لأقوال ابنها الحبيب المجيد،
وكأنها تسأل المؤمنين أن يتركوها وشأنها ولايعطوها "أهمية". ولا تضحي مريم العذراء، والحالة هذه إلا مؤشرا يشير الى المسيح، طالبة أن يجهلها الناس أو يتجاهلوها.
ولكن هذا التفسير غريب عن النص والسياق كل الغرابة، لأن كلمات والدة المسيح المستشهد بها ليست موجهة في الفصل الثاني من إنجيل يوحنا ال عامة المسيحيين بل الى مجموعة محدودة جداً من الخدام العبرانيين، الموجودين في عرس قانا الجليل. وكلماتها أوامر واضحة لايعصاها لا الخدام ولا السيد المسيح نفسه.
إنها السلطانة الفريدة التي تصدر تعليماتها، فلاتقبل عذراً ولا تأجيلاً ولا استئنافاً ولامجادلة: عبر ابنها الملك عن عدم رغبته في مساعدة أهل العرس، وكانت تلك الحركة مناورة منه مقدسة كما سيفعل مع الأم الكنعانية(راجع متى15: 21-28).
وهي لاتكترث بمماطلته ومناورته لثقتها الكاملة بقدرته العجائبية. وتنادي الخدام بلهجة السلطانة وبحنان الوالدة وتأمرهم:"مهما قال لكم(ابني)، فأفعلوه"، مع أبنها أبدي خارجيا عدم استعداد لأن يأمرهم بأي شيء، أو يحرك ساكنا. أما المقصود من أقوال السيدة فهو شيئان أدركهما الرب يسوع المسيح ونفذهما مع الخدم، فكان يسوع من جهة والخدام من جهة اخرى في طاعة الوالدة السيدة: : مهما قال لكم فأفعلوه: أي " أنا مريم آمركم بأن تطيعوا أبني القدير" ، ومعناها أيضا أمر غير مباشر للأبن نفسه:"أنا آمر ابني بأن يأمركم".
وتمت الطاعة عند الأبن وعند الخدام: "إملأوا الأجاجين ماء ، فملأها الى فوق" .وتابع يسوع:"استقوا الأن وناولوا وكيل المائدة...".
وفي هذا السياق تضمحل المشكلة المُثارة حول كلمات المسيح لوالدته قبل مطاوعته لها في القيام بالمعجزة: " مالي ولك أيتها المرأة ؟.
1- المصادر:
أ- الكتاب المقدس.
ب- كتاب بعنوان الجواب من الكتاب/تاليف الاب يعقوب سعاده.